منتدى القـــــــــــــــــــــــــــــادة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تنمية بشرية


    لا تخدعنك المظاهر

    avatar
    اريج محمد


    المساهمات : 64
    تاريخ التسجيل : 13/04/2010
    الموقع : وطنى العزيز

    لا تخدعنك  المظاهر Empty لا تخدعنك المظاهر

    مُساهمة  اريج محمد الأربعاء أبريل 21, 2010 1:51 am

    لا تخدعنك المظاهر




    في كتابه ( أعط الصباح فرصة ) يحكي الأستاذ عبدالوهاب مطاوع ـ رحمه الله ـ قصة طريفة كان شاهدا على أحداثها ، وخبرها أن أحد أصدقاءه ذهب لإجراء جراحة مؤلمة ، وكان الأستاذ مطاوع حاضرا معه ، وكانت تلك الجراحة ـ في ذاك الوقت ـ تصيب المرء بآلام فظيعة ، يصرخ منها أشد الرجال قوة واحتمالا كالأطفال الصغار ، فقام الصديق بإجراء الجراحة وتبعه مريض آخر لديه نفس الداء ،

    يقول الأستاذ مطاوع ( وكان مع المريض الآخر أخاه ، فما أن استيقظ هذا المريض واستعاد الشعور إلا وداهمته الآلام المبرحة ، فأخذ يصرخ بشدة طالبا النجدة ، فانزعج الأخ بشدة وذهب إلى الطبيب فطمئنه إلى أن هذه الأعراض طبيعية ،

    وسيظل هكذا حتى الليل وسيأتي لإعطائه حقنة مروفين ، فذهب الأخ لطمأنة أخاه فوجد صراخه قد على واشتد ، فعاد أدراجه إلى الطبيب يستجديه أن هناك خلل ما في العملية ، ولم يتركه إلا وقد أحضره معه ، فقام بتوقيع الكشف عليه وأخبره ثانية إلى أن هذه الأعراض طبيعية وسيصرخ هكذا حتى حلول المساء ! .

    وذهب الطبيب ولم يتوقف صراخ وتوسل الأخ المريض ، وعندما بلغت الحيرة مداها عند الأخ المرافق ، تذكر صديقي ، فحدثته نفسه أن يذهب إليه في الغرفة المجاورة ليرى هل يتألم مثل أخاه فيطمئن إلى أن هذا الألم طبيعي ، أم أن هناك مشكلة يحاول الطبيب إخفائها ! .

    وجاء إلى صديقي المريض ولم أكن وقتها في الغرفة ، فاستأذن فوجد صديقي يرقد ساكنا ويطالعه بهدوء ، فسلم عليه فرد عليه السلام ،

    وقال له : كيف حالك يا أستاذ فلان ؟

    فأجابه صديقي في هدوء : الحمد لله ! .

    فقال له ، كأنما يتأكد من مخاوفه : هل أنت بخير ؟

    فأجابه صديقي في وقار : نعم والحمد لله ! .

    فعاد يسأله من باب المجاملة والتعاطف ، خاصة وقد وجده وحيدا في غرفته : هل تريد شيئا قبل أن أنصرف

    فأجابه صديقي بنفس الوقار والهدوء : نعم .. أريد أن أموت !

    فلم يستطع الرجل من أن يمنع نفسه من الانفجار في هستريا من الضحك ،

    وقال لصديقي : يبقى خير ! . ثم ربت على رأسه مشجعا ، وهو في قمة الابتهاج بعدما تبددت مخاوفه .

    وفي الممر التقينا وروى لي ما حدث وضحكنا معا ، وسألني أين كنت فرويت له أنني كنت في مكتب الطبيب المقيم للمرة العاشرة منذ الصباح أرجوه أن

    يأتي معي ليطمئن صديقي إلى أن كل شيء على ما يرام ،

    بعد أن ظل يصرخ بلا توقف ويستغيث بلا انقطاع ، فإذا كنت قد وجدته حين زرته ساكنا لا يصرخ فليس معناه أنه لا يتألم ، بل يتألم إلى حد العجز عن

    الصراخ والعويل ، وما هي إلا لحظات ويعاود الصراخ مرة أخرى ! .)

    وفي هذا الموقف درس غاية في الأهمية وهو ألا ننخدع بالمظاهر ، فُرب ضاحك والألم يعتصر كبده اعتصارا ، وآخر هادئ الجنان لكن السعادة والحبور

    تحمله على جناحيها وتطير به في عوالمها .

    وكم انخدعنا في أشخاص كنا نظن أنهم سعداء منبهرين بابتسامة مرسومة على شفاههم ، وأناقة بادية عليهم ..

    لكننا عندما سبرنا أغوارهم وجلسنا واستمعنا إليهم وجدنا حياتهم أتعس بكثير مما نظن ، وأنهم مساكين حقا

    فلا يخدعنك ضحكة ضاحك ، ولا مظاهر كاذبة .

    وعش في الحياة ناظرا دائما للجوهر لا للمظهر .

    ولا تحكم على أحد قبل أن تسبر أغواره جيدا .

    قال فولتير :
    لا تنخدع بضحكهم فإنهم لا يضحكون ابتهاجا وإنما .. تفاديا للانتحار !

    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 8:40 pm